حول كرة القدم ...

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و على أله و صحبه 



عندما جهرت بعدم اهتمامي بنتائج مقابلات كرة القدم الوطنية منها و الدولية ، و أني أتعمد عدم مشاهدة المقابلات ،  قابل بعض الاصدقاء موقفي هذا بالاستغراب إن لم نقل الادانة ، و الحقيقة أني احب رياضة كرة القدم و الرياضة عموما و أمارسها بانتظام ، فأين المشكل ؟ 



لدي مشكل من "نظام" كرة القدم في البلاد العربية ، مع الجانب السياسي - الاقتصادي - المالي - التسويقي فيها ، أستطيع أن ألخص وجهة نظري في النقاط التالية : 

-1)  الرياضة عموما و خصوصا ما أصطلح عليه ب" الرياضة الرسمية " و  منها كرة القدم بالنسبة للأمم و الدول معيار للتقدم الحضاري ، مظهر لقوة الصحة و  الابدان و التخطيط و الاتقان، فالامم حين تتفوق في مجال الحضارة و الصناعة  و البحث العلمي ، تترجم ذلك عبر منتخبات رياضية قوية يظهر فيها هذا التميز الحضاري ، فإذا كان لدينا منتخبات قوية في رياضات متعددة ، فهذا معناه أن لدينا شعب قوي و مؤسسات  و خبراء و جيوش قوية ... فهي واجهة  لقوة حضارية ، فهل ينطبق علينا هذا ؟  فهل هذا حالنا ؟  

- 2) الانفاق في مجال الرياضة بالتبع متناسب مع قوة الدول  و يقع في المرتبة الاخيرة بعد الانفاق في المجالات المهمة. فهل هذا حالنا ؟ 

- 3) الانفاق في مجال الرياضة مبرر أيضا بأنه قطاع اقتصادي منتج في ذاته و له قيمة مضافة ، و ليس عبئا  على مالية دولة ناشئة ، و مع ذلك فلا يصل الانفاق على المنتخبات و المدربين هناك مستوى البدخ الذي يصل في بلادنا. 



-4)  في الدول التي تحترم نفسها هناك ما يكفي من الحوافز للمبدعين في مختلف التخصصات من جوائز و منح بحيث ينمى الابداع و الابتكار ، و كل هذا يأتي بعد ضمان الضروريات الاساسية لحياة الناس من صحة و تعليم  ثم  يأتي الانفاق على التظاهرات  الرياضية  في هذا السياق . فهل هذا حالنا ؟ 

- 5) الانفاق في مجال الرياضة حين يتوجه يتوجه أولا لكل الرياضات و أساسا لرفع المستوى البدنى لعموم الناس و ليس لمنافسات محدودة كما يقع في بلادنا.  

-6)  في الدول التي تحترم نفسها ، لا يمكن توجيه ملايين الدولارات لمجال ثانوي كالمشاركة في منافسة رياضية ،  و ترك الناس يموتون في المستشفيات ، لنقص الاجهزة ، أو الاطباء . أو الاماكن في المستشفيات. 

- 7)  المنافسات الرياضية تحولت إلى جرعة مخدرات قوية المفعول تذهل الناس عن كل تحديات فردية أو جماعية تواجههم ، و وسيلة لا غنى عنها للأنظمة السياسية ، و أداة لحشد العواطف  الوطنية و العصبيات  المقيتة أحيانا في انتصارات أو هزائم  ( لو نتأمل  لا قيمة لها ) . متابعة مقابلات كرة القدم لهذه المنتخبات تزيف أحاسيس الوطنية و تحولها إلى مشاعر جوفاء و عصبيات غريزية قبلية بدائية . و ما فتنة مصر و الجزائر منا ببعيد.  




لكي أختصر كرة القدم  " العربية " أو "الرسمية "( ليست اللعبة أو الممارسة الشعبية ) هي حاليا :
وسيلة لإفساد الوجدان و التخدير ، و جريمة مالية كاملة الاركان ، و أداة ل " للبروباغاندا " السياسية للدول و التغطية على مشاكل متفاقمة. 

و غني عن القول أنه كان من الممكن أن تستخدم الرياضة في أغراض نبيلة  مثل الصحة و تنمية الروح الجماعية و غيرها ، فهذا الكلام كله ليس إدانة للرياضة و لا المنتسبين لها ، بل هو إدانة لتوظيفها  كما يقع الان في سياقنا... 
و حتى لا أكتفي بالنقد ، فهنا بعض الاقتراحات التي ترقى بالرياضة في بلادنا :  
يجب إعادة الاعتبار للرياضة الشعبية، في الازقة و الاحياء، كوسيلة للرقي بالاخلاق و الصحة و العمل الجماعي . يجب الاهتمام برياضات الدفاع عن النفس ، و قيم الشهامة و الفروسية ،أي   كل ما يحقق الامن الاخلاقي. 

يجب أن تنزع القداسة من الرياضة الرسمية و يجب الكف عن اعتبارها معيارا أوحدا للوطنية ، فذلك  مجرد عبث و اختزال.    
و الله أعلم . 

تعليقات

الأكثر قراءة:

وصلة إشهارية للدموع....

أخطاء شرعية فايس بوكية

نقد فكري لدورات التنمية البشرية

كيف تميز التصوف المنحرف عن التصوف السني ؟