كيف تميز التصوف المنحرف عن التصوف السني ؟
علم التصوف أو السلوك أو
الاخلاق أو التزكية هو من العلوم الاسلامية المهتمة بتطهير القلب و إصلاح النفس في
الطريق إلى الله
...
التصوف و كتاباته في
معظمها كتابات محبوبة و تنقل الانسان إلى عوالم أخرى ، و تجد إقبالا من جميع
الفئات ... حتى غير المسلمين من المسيحيين و غيرهم يحبون كتابات التصوف، حتى أشد
العلمانيين تطرفا ، و لكن أريد ان أنبه إلى بعض الفروق الأساسية
بين التصوف السني و التصوف المنحرف :
1) التصوف المنحرف
يؤمن بإمكانية "الوصول" إلى مرتبة التجلي و الكشف الكامل ( المقصود
التوحد مع الله و الحلول و العياد بالله )، و يستعمل لذلك مصطلحات مثل تجلي الله ،
الكشف ، الفيوضات ، العشق ( و العشق لا يكون إلا بين ذاتين متماثلتين و فيه معنى
حسي طافح و معنى الاندماج ) في حين يؤكد التصوف السني على العقيدة
الاسلامية بأن الانسان فقير و سيبقى فقيرا إلى الله العلي العظيم القهار
الذي ليس كمثله شيء و لا يحل في مخلوقاته مهما بلغوا من التقوى...
2) التصوف المنحرف
يركز على الفرد " الانا " و الخلاص الفردي ، فيتعايش مع كل أنواع
الانحراف و الطغيان و الامراض الاجتماعية و السياسية التي تعيشها الامة و قضاياها
لأنه فكرة فردية أنانية ، في حين أن التصوف السني يؤكد على الامر
بالمعروف و النهي عن المنكر و أن الدين النصيحة فهو يبدأ من الانسان لينتهي في المجتمع
، و لا يبقى في الفرد، التصوف المنحرف يبحث عن الانس بالله في الغار الحقيقي
أو المجازي ، و التصوف السني يبحث عن الانس بالله وسط الناس و هموم الامة و
لو أدت تلك الخلطة إلى النقص و إلى مكابدة فذلك من الابتلاء ....
3) التصوف المنحرف
يزدري الشريعة و يهملها فهي بالنسبة لها قشور ، أو على الاكثر ظاهر لا ينفع
دون باطن ، و يحيد عنها عمدا أو سهوا ، التصوف السني وقاف عند حدود الله في ألفاظه
و ممارساته، يتمركز حول الشريعة و يعظمها. يعرف أن الشريعة ليست مجرد
ظاهر ، بل أحكام معايير للظاهر و الباطن ... صمام أمان لعدم انحراف الذوق و
الاحاسيس إلى الهوى و الضلال..
في الختام هناك :
هناك الجملة المنسوبة إلى ابن العربي المليئة بالحلول و تأليه الذات
و النسبية الكاملة ( رغم قيمتها الشعرية) :
لقد كنت قبلاً منكراً كل
صاحب إذا لم يكن ديني إلى دينه داني
وقد صار قلبي قابلاً كل
ملة فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف
وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى
توجهت ركائبه فالحب ديني وإيماني
يتساوى
هنا ما جاهد من أجله الانبياء ، مع ما جاهدو ضده ، يتساوى أبو جهل و الصديق و هرقل
و كسرى ، يتساوى الكل في هذا الشعر الذي
لا يمنع جماله الادبي من الحكم عليه بأن مضمونه من أكثر الكلمات مناقضة للإسلام و
هدما للدين من أساسه.
و هناك القولة المنسوبة
إلى الامام مالك و ربما التعليق الابلغ على هذه الابيات :
من تصوف و لم يتفقه فقد تزندق،
و من تفقه و لم يتصوف فقد تفسق ، و من تصوف و تفقه فقد تحقق
نعم إنه الفاصل بين
الايمان و الضلال ، بين التصوف السني و التصوف المنحرف ، لا شيء أخر سوى
الفقه الاسلامي و العقيدة الاسلامية.
قول بليغ من د.موسى الشريف الطيار العالم و شخصية صوفية مرتفعة الدرجة :https://youtu.be/w-1lVQX66Zk
ردحذف